منقول من جريدة الاهرام
رمضان شهر الخيرات والبركات فيه تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار, وتغل فيه الشياطين.. والسعيد من أغتنم هذا الشهر الكريم فكان من الفائزين.. والخاسر من فرط فيه ولم يغفر له فكان من النادمين..
فكيف نستعد لصوم شهر رمضان.. وكيف نحصل الفضل الكثير في هذا الشهر العظيم يقول الشيخ أحمد ترك إمام وخطيب مسجد النور بالعباسية: علي المسلم أن يوقن أن شهر رمضان فرصته النادرة في الوصول إلي الله من أقرب طريق, لأن الأعمال الصالحة مضاعف ثوابها ولأن أوله رحمة ووسطه مغفرة وآخره عتق من النار.. ولأن فيه ليلة القدر والعبادة فيها خير من ألف شهر.. ولأن الجو العام لشهر رمضان هو جو يدفع المؤمن للتغيير والإصلاح بخلاف بقية الأشهر ففيه تغلق أبواب النار وتفتح أبواب الجنة وتصفد الشياطين وينادي مناد يا باغي الخير أقبل. ويا باغي الشر أقصر.. والخاسر من أدرك رمضان ولم يغفر له.. والمحروم من حرم خير هذا الشهر فإذ لم يتقرب الإنسان إلي الله عز وجل في شهر رمضان فمتي سيتقرب إليه.. وإن لم يغفر له في هذا الشهر فمتي سيغفر له, يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم
رغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ فلم يغفر له).
ويضيف: يجب علي المسلم أن يحسن استقبال شهر الصيام فكان النبي صلي الله عليه وسلم يستعد لهذا الشهر الكريم فقد روي الإمام أحمد والنسائي عن أبي هريرة قال
كان النبي صلي الله عليه وسلم يبشر أصحابه بقدوم رمضان ويقول
قد جاءكم شهر رمضان شهر مبارك كتب الله عليكم صيامه تفتح فيه أبواب السماء وتغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه الشياطين وفيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم).. فهذا الحديث يبين تهنئة النبي صلي الله عليه وسلم للصحابة بشهر رمضان وهذه سنة مهجورة ينبغي أن نحييها فنهنأ بعضا بعضا.. ويعين بعضا بعضنا علي العبادة.. ولعظم هذا الشهر كان السلف يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان وستة أشهر أن يتقبله منهم..
وأوضح أن الاستعداد للصيام يتطلب استعدادا علي مستوي السلوك والروح والعبادة والمشاعر.. فعلي مستوي السلوك.. فالمسلم واجب عليه أن يتخلي عن المعاصي والذنوب والعادات السيئة التي كان يمارسها قبل شهر رمضان كالتدخين وسوء الخلق والغش وغير ذلك من الذنوب سواء كانت في حق الله أو في حق العباد.. فمن دروس الصوم العملية التخلي.. وهذا معني الصيام أن يتخلي المسلم عن المفطرات من شهوة البطن والفرج, ويتخلي أيضا عن الأخلاق السيئة ليصل إلي درجة التقوي التي أمر الله تعالي بها بقوله
يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون).. وعلي مستوي المشاعر.. بأن يتحلي بالإيمان بحسن صلته بالله وهذا يكون بممارسة ذكر الله بوعي وتفكر وتدبر.. ويكون أيضا بفعل الخيرات من إخراج للصدقات وإطعام للمساكين وإحسان للجيران وكل الأعمال الصالحة.. وعلي المستوي الروحي.. فعلي المسلم أن يتجلي ويخشع لله.. فالتجلي والخشوع لله هو مقصود الصيام أيضا.. وذلك بأن يمتلئ قلبه تعظيما وخشوعا ورقة.. وهذا يتم بأن يقف المسلم بين يد الله في صلاته وقيامه وتهجده متجردا من الدنيا وما فيها ذاكرا لربه راجيا لعفوه.. وعلي مستوي العبادة بالحفاظ علي الصلاة في أوقاتها.. وكذلك المحافظة علي قراءة القرآن.. وعلي المسلم أن يقطع كل الأسباب التي تفسد عليه حياته الروحية وتفسد عليه العبادة وتشغله عن إصلاح نفسه وعن التقرب من الله تبارك وتعالي.. فكثير من الناس يتعاملون مع شهر رمضان علي أنه شهر ترفقيه فيرفهون البدن ويسلونه علي حساب الروح والله تبارك وتعالي أراد من المؤمنين أن يرفهوا الروح في شهر رمضان بالعبادة علي حساب البدن.
وأوضح أن الصوم هو سر بين العبد وربه فالله يجازي عبده الصائم بلا حدود.. فتقدير الثواب ليس محدودا لأن كرم الله في عطائه للصائمين غير محدود.. لحديث أبي هريرة رضي الله عنه يقول قال رسول الله صلي الله عليه وسلم( قال الله عز وجل كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به والصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث يومئذ ولا يسخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم. والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك وللصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربه فرح بصومه).